أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

حساب وزن حزام كايبر

استخدمت أداة لإجراء عمليات القياس، ألا وهي المركبة الفضائية كاسيني التي رصدت زحل

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

بعيداً في أعماق الأطراف المعتمة من المجموعة الشمسية الخارجية، وراء مدار نبتون، يوجد حشد كامل من الأجرام الجليدية الصغيرة. وتدور هذه الأجرام الوراء نبتونية Trans-Neptunian objects (اختصارا: الأجرام TNOs) على مسافة تتراوح في الغالب من 30 إلى 50 وحدة فلكية عن الشمس (AU) حيث تمثل وحدة فلكية واحدة متوسط المسافة بين الشمس والأرض. وتكوّن تلك الأجسام حزام كايبر Kuiper Belt، وهو قرص واسع الانتشار، أكبر من حزام الكويكبات حجماً بنحو 20 مرة، وكتلة بنحو 100 ضعف.
ومع اكتشاف المزيد والمزيد من الأجسام الأبعد من نبتون، لاحظ العلماء شيئاً غريباً: إذ يجتمع حشد معين منها معاً وتتحرك عناصره كلها إلى أقرب مسافة لها من الشمس ضمن القطاع ذاته. ففي عام 2016 افترض بعض العلماء وجود كوكب تاسع غير مرئي لشرح هذه التحركات الغريبة الشاذة شيء من قبيل كوكب أرضي فائق يدور على مسافة تزيد على 400 وحدة فلكية، وتعمل قوة جاذبيته على توجيه أجرام حزام كايبر تلك. غير أن محاولات تحديد موقع هذا الكوكب العصي على الرصد قد أخفقت إلى الآن؛ لكن ما سيساعدنا حقاً على تحديد أي تفاعلات جاذبية Gravitational interactions بفعل الكوكب التاسع هذا هو أن نتمكن من فهم كتل هذه الأجرام NTOs فهما أوضح بكثير. إذاً، كيف يمكننا أن نزن حزام كايبر من مسافة تزيد على ستة بلايين كيلومتر؟
لجأ آندريا دي روسيو Andrea Di Ruscio، من جامعة سابينزا Sapienza University في روما، وزملاؤه إلى طريقة بارعة لمعالجة هذا الأمر، فقد استخدموا بيانات مسبار كاسيني Cassini لحساب موقع زحل بدقة فائقة، ثم استخدموا اضطرابات مداره لاستنتاج الكتلة التراكمية Cumulative mass للأجرام NTOs.
وبتجوالها المعقد حول زحل وأقماره طوال أكثر من 13 عاماً، كانت كاسيني واحدة من أكثر البعثات الفضائية تعقيداً على الإطلاق. وقد تطلب ذلك تتبعاً دقيقاً لها، حيث كانت شبكة هوائيات أعماق الفضاء Deep Space Network الراديوية تتبادل يوميا الإشارات مع كاسيني لمدة ست ساعات. وسمحت الصفات المميزة لهذه الإشارات لفريق كاسيني بتتبع ليس فقط مدى بعد المسبار (عن وقت تأخر وصول الإشارة)، ولكن أيضاً مدى سرعة تحركه باتجاه الأرض أو بعيداً عنها في ذلك الوقت (تأثير دوبلر Doppler effect)، ومن ثم إعادة تخطيط مسار المركبة الفضائية.

دقة متناهية
والآن، أعاد دي روسيو وفريقه تحليل إرث بيانات تحليق كاسيني هذه وربطوا القياسات بمدار الأرض لتحديد موقع زحل بدقة لا تتجاوز المتر من حيث الدقة. وهذه درجة مذهلة من الدقة، وقد مكنهم ذلك من إنشاء أحد أدق جداول تقويم الكواكب على الإطلاق. وفي الواقع، فقد تمكنوا من مقارنة المسار المداري الفعلي Actual orbital path لزحل بالمسار المتوقع بدرجة جيدة جداً، لتحديد مدى اضطراب مدار زحل نتيجة تأثيرات جاذبية حزام كايبر. ومع الأخذ بالاعتبار الأجرام NTOs التسعة الكبيرة خارج مدار نبتون والمعروفة جيدا، وسلسلة من ثلاث حلقات داخل حزام كايبر، قدَّر دي روسيو أن الكتلة الإجمالية لحزام كايبر تبلغ نحو
3.6 × 1023 كغم أو %6 تقريباً من كتلة كوكب الأرض.
وبهذه المعرفة سيتمكن علماء الفلك الآن من رسم صورة أفضل تشرح كيفية اضطراب حزام كايبر بفعل وجود كوكب تاسع، وأين يبحثون عنه هذا إذا كان موجوداً فعلاً!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى