سؤال وجواب مع رائدة فضاء على المحطة الفضائية الدولية
يساعد الوقت الذي يقضيه الرائد في محطة الفضاء الدولية العلماء على فهم الآثار التي تفرضها فترات الإقامة الطويلة بالفضاء في جسم الإنسان
سامانثا كريستوفوريتي Samantha Cristoforetti: رائدة فضاء ومهندسة إيطالية تعمل في وكالة الفضاء الأوروبية، أمضت 200 يوم على محطة الفضاء الدولية في عامي 2014 و 2015
– ما هي الآثار الجانبية التي يختبرها رائد الفضاء على محطة الفضاء الدولية؟
في الفضاء يمر جسمك بالكثير من التغيرات، على الرغم من أنك لست على علم بها كلها. ويعاني نصف رواد الفضاء تقريباً شيئا يسمى متلازمة التكيف مع الفضاء Space adaptation syndrome، وهو شيء مشابه لدوار البحر، وينجم عن الانفصال بين ما تدركه وما يخبر به جهازك الدهليزي Vestibular system دماغك. ولحسن الحظ، لم أشعر بهذا المرض، لكني عانيت ضغطا في رأسي لمدة أسبوع تقريباً. ويحدث هذا بسبب إعادة توزيع سوائل الجسم إلى الجزء العلوي من الجسم، ويجعلكِ تشعرين بالاحتقان؛ يشعر بعض رواد الفضاء وكأنهم أصيبوا بنزلة برد طيلة فترة إقامتهم.
– كيف تأقلم جسمكِ مع العودة إلى الأرض بعد تمضية 200 يوم في الفضاء؟
يعد التكيف مع الفضاء أسهل بكثير لأنك تنتقلين من حالة بذل الجهد إلى حالة سهلة دون جهد، ولكن العكس هو الصحيح، حيث الانتقال من هذه الخفة المطلقة للجسم إلى حالة تحمل الوزن. وستشعرين بأنكِ ثقيلة بطريقة لا تصدق، ويجب أن يتعلم دماغك مرة أخرى كيفية تقدير الوزن مع اعتيادك على عدم استخدام قوة كافية لتحريك الأشياء. ففي المرة الأولى التي حاولت فيها المشي بعد عودتي إلى الأرض، شعرت بأنني كنت أحاول موازنة صخرة كبيرة على عودي أسنان! لحسن الحظ، استمر هذا مدة 24 ساعة فقط.
– تتعرض منظومة القلب والأوعية الدموية أيضاً للتعب، إذ يتكيف قلبك وصماماتك مع ضخ الدم في معظم أنحاء الجسم ضد الجاذبية. ففي الأيام القليلة الأولى على الأرض، شعرت بالتعب، وكان نبضي مرتفعا، حتى في حالة الراحة. ونمت 12 ساعة في اليوم. وكانت تلك طريقتي في معرفة أن نظام القلب والأوعية الدموية لدي كان لا يزال يعاني.
– كم مضى من الوقت قبل أن يعود جسمكِ إلى طبيعته؟
نجري اختبارات قبل وبعد رحلة الفضاء، وهذا يساعد على تحديد ما إذا كنت قد عدت إلى حالة ما قبل الرحلة. استغرق الأمر عشرة أيام تقريباً إلى أن عاد جهازي الدهليزي إلى طبيعته. وبالنسبة إلى العضلات، فنحن نعود بحال جيدة لأننا نتدرب كثيراً على محطة الفضاء الدولية. ومع ذلك، فنحن لا نميل إلى استخدام عضلات الجذع Postural muscles في الفضاء، وهي التي تساعد على الجلوس أو الوقوف باستقامة. عادة ما يكون من الصعب تدريب هذه العضلات في صالة الألعاب الرياضية، ومن ثم فهي تتقلص. وبدءاً من لحظة العودة إلى الأرض، نبدأ بتنشيطها مرة أخرى، بحيث تعود إلى وضعها الطبيعي بعد عدة أسابيع.
– ما هي الأبحاث التي أجريتها على محطة الفضاء الدولية عن فترات الإقامة الطويلة في الفضاء؟
في حالة انعدام الوزن تتلف كمية من عظام الجسم أكثر من التي يجري تعويضها من جديد. وإحدى التجارب، واسمها NATO (التدابير المضادة القائمة على الجسيمات النانوية لهشاشة العظام التي تسببها ظروف الجاذبية الميكروية Nanoparticlebased countermeasures for microgravity-induced osteoporosis)، تدرس ما إذا كان من الممكن الحفاظ على كثافة العظام عن طريق إضافة أنواع معينة من الجسيمات النانوية إلى مزارع الخلايا العظمية. وهذه التجربة ليست فقط لغرض الرحلات الفضائية الطويلة، ولكن أيضاً لمعرفة ما إذا كانت مفيدة من الناحية الإكلينيكة.
– هل كنتِ موضوعاً لأي تجربة؟
نعم! لقد بحث أحدهم في كيفية تكيف الدماغ للتحكم في التوازن والحركة في ظرف غياب نظام مرجعي. مثلا، ترسل قدمك على الأرض إشارة إلى دماغك بشأن كيفية الحفاظ على التوازن، وهو أمر لا يحدث في الفضاء. وقد اضطررت إلى تكرار سلسلة من الحركات باستخدام أجهزة استشعار متصلة بجسدي، وتمكنا من مقارنة النتائج بمجموعة من البيانات التي أكملتها قبل البعثة.
– ما هي التحديات الكامنة في إعادة البشر إلى القمر أو المريخ؟
يجب أن يكون رواد الفضاء مدربين تدريباً جيداً، لأنه سيتعين عليهم أن يكونوا أكثر استقلالية واعتماداً على الذات. ففي محطة الفضاء الدولية، يمكنك الاعتماد على الاتصال في الوقت الفعلي تقريباً بجيش من المتخصصين على الأرض الموجودين هناك لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها ومساعدتك. كلما ابتعدت عن الأرض، سرعان ما سيكون ذلك غير عملي. وإذا حدث خطأ ما، فسيحتاج رواد الفضاء إلى أن يكونوا قادرين على حل المشكلة بطريقة أكثر استقلالية؛ سيحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على الوصول إلى مستودع المعرفة والمساعدة التلقائية المتقدمة لمساعدتهم على استكشاف أي عطل فني وإصلاحه. والمسألة الأخرى هي أنه لا يوجد الكثير لفعله في الطريق إلى المريخ. وسيتعين على رواد الفضاء التعامل مع رحلة طويلة على متن مركبة فضائية قد تكون صغيرة الحجم، لأن إرسال المزيد من الكتلة والوزن إلى المريخ هو أمر مكلف.