كواكب نجمية تتراقص حول نجوم مزدوجة
أي مدارات غريبة ورائعة يمكن أن تأخذها كواكب تدور حول نجوم مزدوجة؟
البروفيسور ليويس دارتنل: عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر
على الرغم من أن معظم الكواكب النجمية Extrasolar planets المكتشفة حتى الآن قد وُجِدَت تدور حول شموس مفردة، إلّا أن الكثير من النجوم في مجرتنا هو جزء من نُظُم نجمية مزدوجةBinary systems أو متعددة النجوم Multiple systems. فاكتشاف كواكب نجمية ضمن نظم نجمية متعددة هو أمر أكثر صعوبة بكثير (مثلا، تطمس النجوم المرتبطة تماماً أي إشارة من كوكب مرافق)، ولكن ما من سبب للافتراض أنها ليست شائعة أيضاً.
وهناك ثلاثة أنواع مختلفة من المدارات يمكن لكوكب في نظام نجمي مزدوج أن يظل مستقراً فيها. الأول، مدار من النوع “التابع” Satellite-type، أو النوع إس S-type، حيث يدور الكوكب حول أحد النجمين. فقد اكتشف علماء الفلك نحو 50 كوكباً نجمياً مؤكداً لها هذا النوع من المدارات؛ وفي الواقع، فنحن نعرف نظامين نجميين يحتضن فيهما كل من النجمين المزدوجين كوكبه الخاص به.
كما يمكن أن يكون للكوكب مدار عريض حول كلا النجمين في الوسط وهو ما يعرف بمدار خارجي من نوع مدار “كوكب” Planet-type، أو “النوع پي” (P-type). بل إنه من الممكن نظرياً أيضاً لكوكب أن يبقى حبيساً ضمن نقطة توازن “لاغرانج” L4 أو L5، ليدور مع النجم الأصغر حول النجم الأكبر، وهو ما يمكن مقارنته بالكويكبات الطروادية Trojan asteroids ضمن نطاق نقاط لاغرانج قرب كوكب المشتري Jupiter في نظامنا الشمسي. فهذا الاحتمال الثالث هو حالة خاصة، وتشير الحسابات إلى أنه سيكون مستقراً فقط عندما يكون النجم الأصغر بكتلة أقل من %4 من كتلة النجم الأكبر قزم أحمر Red dwarf صغير يدور حول نجم قرين أبيض وأزرق اللون من الصنف A، مثلا.
إذن، ما هي بالضبط تلك الأنماط المدارية للنجوم الثنائية وكواكبها التي تُشكّل نظم مستقرة؟ أعدَّ كل من روبرتو كابوزو دولسيتا Roberto Capuzzo-Dolcetta في جامعة روما، وجيوفاني دو سيزر Giovanni De Cesare، من مرصد علوم الفضاء والفيزياء الفلكية في مدينة بولونيا، نمذجات محاكاة حاسوبية لمعرفة تلك الأنماط؛ فوضعوا نمذجات لأكثر من 100,000 نظام نجمي محتمل لها ظروف ابتدائية مختلفة بتنويع الجمع بين نجوم مختلفة الكتل، والمسافات المدارية، والاختلاف المركزي Eccentricity، وهكذا وتتبعوا تطور ديناميكيات مسارات النجوم والكوكب ضمن فترة زمنية طويلة (بليون سنة أو أكثر). وقد اعتبروا النظام غير مستقر إذا فُقِد الكوكب منه: إما بسقوطه على أحد النجمين، أو بقذفه بفعل الجاذبية إلى خارج النظام كلياً. وقد وضع المؤلفان نموذج محاكاة مداري في الزمن الفعلي Real-time يمكن الاطلاع عليه على الرابط:
https://giovixo.github.io/exoplanets/index.html
لقد وجد كابوزو دولسيتا ودو سيزر، بما لا يثير الدهشة، أنه إذا كانت حالة المنظومة غير مستقرة، فسيكون احتمال اصطدام الكوكب بالنجم الأكبر كتلة (أي النجم ذي الجاذبية المهيمنة ضمن المنظومة) أعلى من احتمال اصطدامه بالنجم الأصغر كتلة. وقد حددا أيضاً طرف منطقة عدم الاستقرار مدى ابتعاد كوكب مداره من النمط S عن النجم الأكبر مع بقائه مستقراً ووجدا، مثلا، أنه إذا كان النجم القرين بكتلة %10 من كتلة النجم الأكبر، فيمكن حينها للكوكب أن ينجو -إذا كان يدور على مدار واسع يصل تقريباً إلى نصف المسافة عبر المنظومة- فلا يُقذف بعيداً.
بيد أن كابوزو دولسيتا ودو سيزر لاحظا أيضاً أمراً مثيراً جداً: ففي العديد من الحالات التي انتزع فيها الكوكب من مداره المستقر حول أحد النجمين قبل قذفه تماماً إلى خارج النظام، فقد تحرك أولاً في مدار أبعد نحو الخارج لبعض الوقت. وهذا دعاهما إلى التساؤل: هل يمكن دفع كوكب ما من مدار نمطه S حول أحد النجمين إلى مسار مستقر من النمط P حول كلا النجمين (أو بالعكس)؟ عندما أجريا الحسابات اكتشفا أن مثل هذه النتيجة كانت ممكنة فعلاً على الرغم من أنها ليست محتملة جداً. فهذا الاكتشاف يزيد من الفرص المثيرة لوجود كوكب ما في مكان ما هناك يقفز الآن بين المدارات.