أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

اكتشافٌ على كوكب الزهرة: عنصرٌ كيميائي مرتبط بالحياة

تحتوي سحب أعالي الكوكب على عنصر الفوسفين، وهو عنصر تنتجه البكتيريا على الأرض

بقلم: كريس لينتوت Chris Lintott

هل يمكن للحياة أن تختبئ في سحب سماء كوكب الزهرة؟ ربما نعم، وذلك وفقاً لعلماء فلك أعلنوا في يوم 14 سبتمبر أنهم قد اكتشفوا جزيئاً نادر الوجود، هو الفوسفين Phosphine، في الغلاف الجوي للكوكب المجاور لنا.
تقول جين غريفز Jane Greaves، من جامعة كارديف University of Cardiff، وهي العالمة التي قادت الأرصاد لتتبع وجود الجزيء: “سبب شعورنا بالإثارة هو أن غاز الفوسفين على الأرض تنتجه كائنات حية (متعضيات) دقيقة Microorganisms تحيا في بيئات تخلو من الأكسجين. وهناك فرصة إلى أننا نكون قد اكتشفنا وجود نوع ما من الكائنات الحية في سحب كوكب الزهرة”.
كانت غريفز قد تقصت وجود هذا الجزيء أول مرة في عام 2017 باستخدام تلسكوب جيمس كلارك ماكسويل James Clerk Maxwell Telescope (اختصاراً: التلسكوب JCMT) في هاواي، قبل إعادة تأكيد الاكتشاف من خلال مرصد مصفوفة أتاكاما الميللمترية/تحت الميللمترية الكبير Atacama Large Millimeter/Submillimeter Array (اختصاراً: التلسكوب ALMA) بعد ثلاث سنوات.
تقول غريفز: “نظراً لأننا استطعنا اكتشاف وجود هذا العنصر باستخدام مرصدين منفصلين، فيمكننا القول بثقة عالية جداً إننا التقطنا وجود جزيئات الفوسفين على كوكب الزهرة. فالفوسفين موجود هناك، لكنه نادر جداً بنسبة تبلغ نحو 20 جزيئاً في كل بليون جزيء آخر”.
تطلّب الاكتشاف بعض المثابرة من جانب غريفز، فعندما رُفِض طلبها الأول لحجز وقت رصد باستخدام التلسكوب ثلاث مرات، إذ إنه كان يعتقد أن فرص إيجاد حياة تنتج الفوسفين على الزهرة كانت ضئيلة إلى درجة السخافة. فبوجود حرارة مرتفعة إلى درجة تصهر معدن الرصاص، وسحب ممتلئة بحمض كبريتي، وضغط سطحي يعادل الضغط على عمق 1 كم تحت سطح الماء، فإن الزهرة على الأرجح أنه كوكب جحيمي أكثر من أن يكون كوكباً مضيافا للحياة.
تقول غريفز: “لكن العلماء يعتقدون أن سطح الزهرة، في زمن مبكر من تاريخ الكوكب، كان أكثر برودة بكثير، وربما كان بالإمكان وجود ماء ونشوء حياة هناك. ربما كان بعض هذه الكائنات الدقيقة قادراً على التطور والصعود إلى الأعلى في سحب الكوكب. أما الآن؛ فالمكان هناك حمضي جداً؛ ولكن على ارتفاع يتراوح بين 50 و60 كم فوق السطح، يكون الضغط مماثلاً لما هو على الأرض، وتكون الحرارة لطيفة بنحو 30°س، ولذا فقد افتراضنا أن هذا الوسط يسمح بالحياة حاليا”.
ومن أجل تحري ما إذا كان توجد أي طرق غير بيولوجية يمكن للفوسفين أن ينشأ بها على الزهرة، فقد تفحّص ويليام بينز William Bains، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (اختصاراً: المعهد MIT) كيميائية الغلاف الجوي للكوكب، ودرس ما إذا كان ضوء الشمس يستطيع أن يؤدي إلى شبكة معقدة من التفاعلات لصنع الفوسفين. يقول بينز: “الحد الأدنى هو أن معدل حدوث ذلك في تلك الشبكة هو بطيء جداً، بعامل يتراوح قدره بين مئات الآلاف إلى ملايين السنين، لتفسير وجود العشرين جزءاً في البليون من الفوسفين الذي رصدت جين غريفز وجودَه”.

مؤشر حياة؟
كما نظر الفريق في تفاعلات كيميائية أخرى أيضاً، فأنشأ نمذجات لكل تفاعل يمكن تصوره بين مكونات الغلاف الجوي للكوكب، وأيضاً التفاعلات الجيولوجية في صخور سطحه. وقد أخذ بعين الاعتبار حتى عوامل مثل البروق والنيازك، لكن كل طريقة منها أعطت الفوسفين بمعدلات أبطأ بقدر مليون مرة مما هو مطلوب لمطابقة النسبة المرصودة.
يقول بينز: “يوجد تفسيران: الأول هو وجود آلية كيميائية مجهولة وغريبة تماماً إلى حد الإثارة، تحدث في سحب الزهرة، ولم يتصور أحد وجودها من قبل. أو، التفسير الثاني، وهو الأكثر إثارة، أن يكون الفوسفين ناتجاً من حياة ما”.
يحاول علماء الفلك الآن الحصول على وقت للرصد باستخدام التلسكوبات كي يعرفوا بدقة أين وكم يوجد من غاز الفوسفين على الزهرة. إنهم يأملون أيضاً بأن الاكتشاف سيحث على إرسال مهمات فضائية جديدة إلى غلاف الزهرة الجوي لقياس الغاز هناك مباشرة. فقد كانت آخر مرة سبرت فيها البشرية سحب الزهرة في عام 1985، عندما استكشفت بعثات فيغا Vega السوفييتية كوكب الزهرة بالبالونات. أما الآن؛ فهناك عدة بعثات إلى الغلاف الجوي للكوكب قيد الدراسة، مثل البعثة دافنشي DAVINCI التابعة لوكالة ناسا، وأيضاً البعثة شوكرايان ــ 1 (Shukrayaan -1) الهندية. ومع كل الفخر المحتمل لأن نكون أول من يكتشف وجود حياة خارج كوكب الأرض، فمن المتوقع أنه لن يمضي وقت طويل قبل أن نعود إلى سماء أقرب كوكب مجاور لنا.
www.eaobservatory.org/jcmt

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى