أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

حلقات زحل

حلقات عملاق المجموعة الشمسة الثاني هي أيقونته، ولكن ماذا نعرف عنها؟

جيني ويندر Jenny Winder: كاتبة علمية مستقلة، وعالمة فلك، ومقدمة برامج

بوصول كوكب زحل إلى نقطة تقابله في هذا الشهر، يحين وقت ممتاز لرؤيته. وسيكون ممكناً حتى لتلسكوب بسيط أن يكشف منظومة حلقاته المميزة. قد يوجد لكواكب أخرى نظام حلقات، ولكن لا شيء منها بمثل روعة حلقات زحل.
كان غاليليو أول من رصد الحلقات في عام 1610، لكنه لم يكن واثقاً من أن ما رآه هو قمرين لزحل، أو أن زحل كانت له مقابض، أو ‘آذان’. ولماذا بدت أنها تظهر وتختفي كل سنة تقريباً؟
ففي عام 1656 كان كريستيان هايغنز Christiaan Huygens هو أول من اقترح أن لزحل حلقة لا تتصل به، وفي عام 1675 حدد جيوفاني دومينيكو كاسيني Giovanni Domenico Cassini ذلك الشكل على أنه يتكون من سلسلة حلقات وفجوات، وحدد الحلقتين A و B وأكبر فجوة، التي سميت فاصل كاسيني Cassini Division تكريماً له. وقد اعتقد أن الحلقات كانت صلبة أو سائلة، ولكن في عام 1859 أثبت جيمس كلارك ماكسويل James Clerk Maxwell أنها تتكون من جسيمات Particles، وأنها تدور حول زحل بشكل مستقل.
سميت الحلقات الرئيسية بحسب ترتيب اكتشافها؛ هكذا اكتشفت الحلقة C في عام 1850، والحلقة D في عام 1933، و E في عام 1967. أما حلقة فيبي Phoebe العريضة، فقد اكتشفت في عام 2009، على مسافة تتراوح بين 6 إلى 16.2 مليون كيلومتر من زحل.
وقد تمكنت أربع بعثات فضائية من الالتقاء بزحل حتى الآن. كانت مركبة بايونير 2 Pioneer II هي الأولى في عام 1979 عندما اكتشفت الحلقة F الرفيعة جداً. من الطبيعي أن تؤدي الاصطدامات بين الجسيمات إلى انتشار الحلقة داخلاً باتجاه الكوكب ونحو الخارج منه لتشكل حلقة عريضة مشتتة. ولكن الحلقة F ظلت مقيدة بدقة بفعل نفوذ قمرين تابعين، هما بروميثيوس Prometheus وباندورا Pandora.
وفي عام 1980 حددت مركبة فوياجر1 Voyager 1 الحلقة G، وفي العام التالي اكتشفت فوياجر2 العديد من الحلقات الرفيعة عندما عبرت قرب الكوكب. وفي يوليو 2004 بدأت بعثة كاسيني زيارتها التي استمرت 13 عاماً إلى هذا الكوكب، واكتشفت الكثير من الأقمار والحلقات الرفيعة الجديدة.
تتكون الجسيمات في الحلقات من جليد ماء نقي تقريباً؛ وهذا يجعلها شديدة السطوع. ويتباين وضائية (ألبيدو) Albedo زحل، وهو مقدار الضوء الذي يعكسه، من -0.5 mag. عندما ترى الحلقات من طرفها، إلى +0.9 mag. عندما تكون مفتوحة بالكامل. وتتراوح أحجام الجسيمات من حجم حبة رمل إلى قطر 10 أمتار أو أكثر. وهذه الفجوات ليست مناطق فارغة محددة تماماً، ولكنها مناطق تنخفض فيها كثافة الجسيمات. ويبلغ عرض أكبرها
– فاصل كاسيني – 4,700 كم.

الوحدات البنيوية
تنتظم البنية الأساسية لحلقات زحل من الداخل إلى الخارج كما يلي: حلقات D و C و B؛ فاصل كاسيني؛ الحلقة A؛ فاصل روش Roche Division؛ الحلقة F؛ حلقة جانوس/إبيميثيوس Janus/Epimetheus ring؛ الحلقة G؛ أقواس حلقة ميثون وآنثي Methone and Anthe ring arcs؛ حلقة بالين Pallene ring؛ الحلقة E؛ وأخيراً الحلقة فيبي Phoebe ring. وللعديد من هذه البنى تقسيماتها الفرعية وفجوات وبنى وأقمار صغيرة بداخلها.
تدور الحلقات في اتجاه دوران زحل نفسه، ولكن بمعدلات سرعة مختلفة، الحلقات الداخلية أسرع من الخارجية وفقاً لقانون كبلر الثالثKepler’s third law. وتمتد الحلقات الرئيسية من 7,000 كم إلى 80,000 كم من خط استواء الكوكب، إلا أن متوسط سماكتها هو 10 أمتار فقط.
ويعود سبب اختفاء الحلقات الذي حيّر غاليليو إلى ميل محور زحل على مستوي دائرة البروج Ecliptic بزاوية تعادل 27°. ومن الأرض نرى الحلقات من زوايا مختلفة بسبب دوران الكوكبين في مدارهما: أولاً من الأسفل، ثم تختفي تقريباً عندما نراها من طرفها، ثم تتوسع ثانية عندما نراها من الأعلى، ثم نراها من طرفها مرة أخرى، لذا تبدو الحلقات أنها تختفي بمعدل مرة كل 15 سنة تقريباً. أما كتلتها؛ فتعادل كتلة قمر زحل ميماس Mimas.

جميع الحلقات مهمة
لقد مثّـل أصل حلقات زحل موضوعاً لنقاش حاد. إذ تفترض إحدى النظريات أنها كل ما تبقى من أحد أقمار زحل الذي مزقته قوى الجاذبية عندما ضعف مداره، مما جعله قريباً جداً من كوكبه الأم. وهذا يعني أن الحلقات أصغر عمراً من الكوكب. وتقول نظرية أخرى إن الحلقات لها عمر الكوكب نفسه، فهي بقية من السديم الذي تشكل منه زحل.
في أبريل 2017، في نهاية جولة مركبة كاسيني في نظام زحل، أنجزت المركبة الفضائية المرحلة النهائية من مهمتها، فمرّ بين زحل وحلقاته 22 مرة قبل الغوص في غلافه الغازي والاحتراق فيه. وكشفت بيانات هذه المناورات الفضائية من سطوع الحلقات ونقائها أنها ربما تكونت قبل 100 مليون سنة فقط، عندما كانت الديناصورات لا تزال تسود الأرض. وتقول النظرية إنها لو كانت أكبر سناً، لصارت معتمة مع مرور الوقت بسبب تراكم الغبار الكوني عليها، وذلك على الرغم من أن علماء آخرين يقترحون أن إعادة تدوير المادة ضمن الحلقات، عندما تتصادم جسيماتها، وتتحطم وتتشكل ثانية، يمكن أن يخفف من مفعول أي ملوث.
وأياً ما كانت طريقة تشكلها، فالحلقات تخسر باستمرار من مادتها بصورة مطر جليدي يسقط على زحل، بمعدل بركة سباحة مملوءة بالمادة كل نصف ساعة. ولذا، فما زال هناك الكثير من الوقت لمشاهدتها: إذ يقدر أنها لن تختفي إلى الأبد قبل 100 مليون سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى