أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

قمر زحل، تيتان، في موقع ممتازً

البروفيسور ليويس دارتنل: ‏ عالم أحياء فلكية في جامعة ويستمينستر

يتشابه كوكبا المشتري وزحل مع بعضهما إلى درجة كبيرة، بصفتهما كوكبين غازيّين عملاقين في مجموعتنا الشمسية. فلهذين الكوكبين بنية متشابهة، وكلاهما يفوق الأرض كتلةً بعدة مئات من المرات، وهما أيضاً شديدا الشبه ببعضهما ضمن فئة خاص بهما، حتى عند مقارنتهما بعملاقي الجليد أورانوس ونبتون.
وعندما يصل الأمر إلى أقمارهما، نجد أن منظومتي المشتري وزحل القمريتين تضم نحو 80 قمراً إجمالاً، إلا أن توزع الكتل هو شديد الاختلاف بينهما. فلكوكب المشتري أربعة أقمار غاليلية كبيرة ــ آيو، ويوروبا، وغانيميد، وكاليستو، جميعها لها الحجم ذاته تقريباً، بينما لدى زحل قمرعملاق مفرد هو تيتان. وبصفته أكبر قمر في المجموعة الشمسية، فإن تيتان هو أكبر حجماً حتى من كوكب عطارد.
ما هو العامل الذي يحدد حصول كوكب عملاق غازي ما على أسرة من الأقمار الكبيرة أو قمر عملاق مفرد؟ بعض الأقمار – مثل قمر نبتون، ترايتن Triton، أو فيبي Phoebe حول زحل- هي أجر ام لقيطة، لكن معظم الأقمار حول الكواكب العملاقة يعتقد أنها ولدت ضمن أقراص كوكبية Circumplanetary discs. وتنشأ هذه الأقراص عندما يُنشِئُ نجمٌ وليدٌ نظاماً كوكبياً حوله من القرص الكبير من الغاز والغبار الذي يدور حوله. ويتضمن هذا القرص دوامات أصغر تدور حول الكواكب الغازية العملاقة المتشكلة – أقراص كوكبية.
الأقمار الكبيرة التي تنمو في هذه التخوم من المادة المغبرة تميل إلى أن تدور مغزليا إلى الداخل نحو الكوكب أثناء تعرضها للجذب بفعل تفاعلها مع الغاز والغبار المحيط بها: إنها تتعرض لخطر الانحدار والسقوط تماماً على كوكبها الغازي العملاق وفنائها فيه. لذا، فإن الأمر الأكثر ترجيحاً هو أن الكوكب العملاق يصل إلى مرحلة يكون فيها إما أنه من دون أقمار كبيرة، أو أنه يمتلك منظومة من عدة أقمار كبيرة، مثل الأقمار الغاليلية، نجت كلها لأن القرص الكوكبي كان قد انتشر بسرعة كافية بعد التشكل. ولكن انتهاء العملية بتشكل قمر كبير واحد فقط يبدو عملية أصعب، ويقودنا إلى التساؤل: كيف تشكل القمر تيتان؟
يعتقد يوري فوجي Yuri Fujii، من قسم الفيزياء في جامعة ناغويا Nagoya University، وماساهيرو أوغيهارا Masahiro Ogihara، من المركز الفلكي الوطني في اليابان National Astronomical Observatory of Japan، أنهما قد وجدا الجواب. إذ تعتمد الهجرة المدارية للأقمار على عوامل رئيسة مثل كثافة وحرارة جسيمات الغبار في القرص الكوكبي على مسافات مختلفة بعيداً عن الكوكب، فقد وصف الباحثان نماذج لمنظومات مختلفة لدراسة الكيفية التي تنتهي إليها حالة الأقمار مع توسع القرص. كم من الأقمار يبقى، وماهي أحجامها، وعلى أي مسافة مدارية من الكوكب المركزي؟
حفظ في موقع آمن  أظهرت نماذج المحاكاة التي نفذاها، كما كان متوقعاً، أن الأقمار الكبيرة مثل  تيتان كثيراً ما تخسر طاقة مدارية Orbital energy في قرص الغبار، وتدور مغزليا نحو الكوكب لكي يبتلعها. ولكن لمجموعة معينة من (الأسباب المجتمعة)، مثل كتلة القمر ونصف القطر المداري، فإن التوازن العام للقوى يؤدي بالقمر إلى أن ينجرف – بدلاً من ذلك ــ ببطء نحو الخارج، أو حتى أن يحوم على المسافة المدارية ذاتها؛ وهذه تمثل مناطق آمنة، ويمكن لقمر عملاق مفرد أن ينجو من الدمار. وما يبدو أنه حصل مع زحل هو أن عدة أقمار داخلية ربما دارت مغزليا في طريقها نحوه لتسقط عليه وتفنى فيه، لكن تيتان تشكل في مدار أبعد نحو الخارج، وهاجر نحو الداخل إلى أن استقر في إحدى هذه المناطق الآمنة. وبمجرد توسع القرص، فإن أي هجرة أخرى قد توقفت، وثبت تيتان في مكانه منذ ذلك الحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى