سؤال وجواب مع عالمة بالكواكب النجمية
كنا لا نزال ننتظر اكتشاف كوكب نجمي عندما أطلقنا تلسكوب هابل الفضائي. لكن هذا التلسكوب، وبعد 30 سنة من إطلاقه، يساعدنا الآن في استكشاف الأغلفة الغازية لهذه العوالم البعيدة
د. هانا ويكفورد Dr. Hanna Wakeford:
أستاذة محاضرة في مجال الفيزياء الفلكية من جامعة بريستول، حيث تجري أبحاثها عن الأغلفة الغازية للكواكب النجمية باستخدام تلسكوب هابل الفضائي.
– كيف تستخدمين تلسكوب هابل الفضائي في استكشاف الأغلفة الغازية للكواكب النجمية (خارج المجموعة الشمسية) Exoplanets؟
نستخدم التلسكوب هابل لننظر إلى تلك الكواكب عندما تعبر أمام نجومها. وإذا كان لأحدها غلاف غازي، فإن ضوء النجم سيعبر من خلاله قبل وصوله إلى هابل. وسيتعرض ذلك الضوء إلى تغير في طبيعته وصفاته بسبب امتصاص الغلاف الغازي للكوكب بعضاً من ألوانه المختلفة اعتماداً على مكونات ذلك الغلاف. يمكننا بعد ذلك قياس الطريقة التي يحجب بها الغلاف الغازي للكوكب ضوء النجم، ونعرف ماذا يوجد فيه.
– لماذا تستخدمين التلسكوب هابل؟
نحن نستخدم تلسكوب هابل الفضائي لأننا نوجد تحت غلاف الأرض الغازي. فإذا أردنا البحث عن أشياء مثل بخار الماء، فسنجد أن غلافنا الغازي هو أيضاً ممتلئ به، وهو يُعيق بحثنا عنه هناك في مكان آخر في الفضاء. فالتلسكوب هابل يعمل خارج الغلاف الغازي للأرض، وهذا يعني أنه لا قلق من تشوش أرصاد هابل بغازات الهواء أسفل منه.
– ما الذي تبحثين عنه في الغلاف الغازي لكوكب نجمي؟
يختلف هذا الشيء اعتماداً على طبيعة ونوع الكوكب الذي نراقبه. فالكثير من الكواكب التي ندرسها بدقة الآن هي تلك الكواكب التي لها حجم كوكب المشتري وتدور على مسافة قريبة جداً من نجومها، أي أنها ‘كواكب مشتري حارة’ Hot Jupiters، ونبحث فيها عن بخار ماء حار.
أما الكواكب الأصغر حجماً، أي بحجم كوكب نبتون أو أصغر، فنحن ما زلنا نبحث عن بخار ماء، لكننا نحاول تحديد ما إذا كانت تلك كواكب شبيهة بكوكب الأرض والزهرة أم أنها أقرب شبهاً إلى كوكب المشتري.
– كيف تختارين أي كوكب لمتابعته بأرصاد التلسكوب هابل؟
يمكن أن يعتمد ذلك على سؤال معين نبحث عن إجابته. ولكن يمكن القول بصراحة، إنه أي كوكب نستطيع استقبال إشارة أو معلومة جيدة منه. فهناك آلاف الكواكب المُكتشفة، لكن ما نستطيع رصده منها بسهولة من خلال تلسكوبنا هو عدة مئات فقط. وهذه أرصاد يصعب تنفيذها بالفعل، لكننا سنرصدها مرة بعد أخرى إذا كان علينا فعل ذلك، إلى أن نحصل على تلك الإشارة المطلوبة.
– ما الذي تعلمتيه حتى الآن؟
الطبيعة لديها خيال خصب أفضل مما لدينا نحن. فهناك عدد كبير وتنوع هائل من الكواكب في الفضاء. وهذه الكواكب البعيدة تختلف كلها عن بعضها بعضاً، كما أن لبيئاتها تأثير بالغ في طبيعتها. وأحد الاكتشافات المهمة والمثيرة التي حققناها تمثل باكتشاف وجود سحب. نعلم أن سحب كوكب الأرض لها خاصية كبيرة بعكس ضوء الشمس بعيداً في حين تحافظ على الحرارة أسفلها أيضاً. وبعض الأغلفة الغازية لتلك الكواكب البعيدة هو شديد الحرارة، وهي شديدة القرب من نجومها، لذا فالسحب التي نتوقع تشكلها هناك لن تكون بشكل قطرات سائلة من الماء، بل قطع صغيرة جداً من الصخور معلقة في الغلاف الغازي للكوكب. والأمر مثير لأن تلك السحب تتكون من زجاج وأحجار ياقوت وزفير Sapphires كالمجوهرات التي لدينا هنا على الأرض.
– لماذا يجب علينا دراسة الأغلفة الغازية للكواكب النجمية؟
ليس لدينا فكرة عما يجب أن يبدو عليه نظام كوكبي ما. فإذا نظرنا في عالم المجموعة الشمسية سنجد أربعة كواكب صغيرة، ثم أربعة عملاقة. هل هذا أمر طبيعي وعادي؟ نعلم أن كوكب الزهرة هو تقريباً بحجم كتلة الأرض ونصف قطرها. فلنحذفه من مجموعتنا الشمسية مثلاً، وسنعتقد من ثمَّ أن كوكباً نجمياً بمثل كتلة الأرض ونصف قطرها يجب أن يكون مثلها. لكن ما يوجد في مجموعتنا الشمسية يظهر أن الأمر ليس هكذا. وتسمح لنا الكواكب النجمية أن نأخذ ما نعرفه في مجموعتنا الشمسي ونقلبه رأساً على عقب. فما هي العملية التي أنتجت تلك الكواكب الحارة الشبيهة بالمشتري هناك ولم يحدث مثلها هنا في مجموعتنا الشمسي؟
– كم سيستمر تلسكوب هابل برصد الكواكب النجمية؟
هابل سيستمر بالعمل لنا طوال السنوات الخمس المقبلة على الأقل. إنه أداة رائعة. ولكنه محدود القدرة أيضاً. في المستقبل سيكون لدينا تلسكوب جيمس ويب الفضائي الذي ننتظر إطلاقه في عام 2021. وهكذا سيكون لدينا تلسكوب أكبر بكثير من هابل، بمرآة قطرها 6.5 م. سنكون قادرين على قياس ودراسة الكواكب النجمية بدقة أكثر، ونبحث عن بخار الماء في غلافها الغازي، إضافة إلى ثاني أكسيد الكربون والميثان، أو أول أكسيد الكربون، وهي غازات لم نكن نستطيع قياسها. وجمع ما نتعلمه الآن مع ما سنقيسه وندرسه مستقبلاً سيكون مهماً لتطور أبحاث علوم الكواكب النجمية.