أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

دليلك إلى حوادث الاقتران

سيقترب القمر، وبعض الكواكب والنجوم الأخرى، من بعضها في سماء الليل لتعطينا بعض المشاهد الرائعة في الأشهر المقبلة. يكشف لنا بول موني ما ننتظر رؤيته

ربما تبدو كلمة ‘الاقتران’ Conjunction طريفة المسمع. ولكنها في مجال علم الفلك تعني تلك الظاهرة التي يمكن أن تعطينا بعض المشاهد الرائعة في سماء الليل، والتي تبدأ من مشاهدتها بالعين المجردة، مروراً بالمناظير المزدوجة، وصولاً إلى رصدها بالتلسكوبات.

بصورة عامة، ‘الاقتران’ هو الوصف الذي يطلق على اثنين أو أكثر من أجسام السماء التي ترى على مسافة قريبة من بعضها في سماء الليل. وتشمل أكثر الاقترانات المعروفة رصداً ومشاهدة القمر، الذي غالباً ما يكون بطور هلال في وقت المساء أو الفجر، ومعه أي من الكواكب الساطعة: الزهرة، وعطارد، والمريخ، والمشتري، أو زحل. وقد يُرى الاقتران أيضاً بين القمر ونجوم ساطعة، أو حتى بين الكواكب ذاتها. ولذا يوجد مجال واسع وجيد من أنواع الاقترانات الممكنة. بعضه يتضمن جسمين أو أكثر، مثلما يحدث عندما يقترن كوكبان وينضم القمر إليهما. وهناك أيضاً بعض المرات المثيرة التي يحدث فيها اقترانات قريبة المسافة في مجال الرؤية ذاته في التلسكوب، أو في بعض الحالات الخاصة فعلاً، التي يظهر فيها كوكب الزهرة أو عطارد عابراً أمام وجه الشمس.

ربما عرفت بمصطلح الاقتران الاقتران’ من كتب علم الفلك التعليمية. غير أننا إذا التزمنا بتعريفه الأدق فسنرى أن بعض الأحداث التي تسمى اقترانات لن تتوافق مع التعريف. ولتوخي الدقة، فالاقتران هو اصطفاف جسمين سماويين على الأقل، على مسافة قريبة نسبياً ظاهرياً من بعضهما، ويشتركان في المطلع المستقيم Right Ascension (RA) ذاته، أو خط الطول البروجي Ecliptic longitude، في السماء. المطلع المستقيم هو المكافئ السماوي لخط الطول على الأرض، لكنه يسقط على الكرة السماوية. أما خط دائرة البروج فهو مستوى مدار الأرض حول الشمس، ويبدو لنا بصورة المسار الظاهري للشمس عبر السماء. يقاس خط الطول البروجي على طول دائرة البروج باتجاه الشرق من نقطة الاعتدال الربيعي Spring Equinox.

وحتى في مجال علوم الفلك، فهناك معان مختلفة لكلمة اقتران. فعندما يكون أحد الكواكب، سواء كان في الجزء الداخلي من المجموعة الشمسية (أي داخل مدار الأرض نحو الشمس) أم في الجزء الخارجي منه (خارج مدار الأرض)، على الجهة الأخرى من الشمس بالنسبة إلى الأرض، يقال عنه إنه ‘اقتران علوي’ Superior Conjunction. وعندما يوجد كوكب داخلي بين الأرض والشمس يقال عنه إنه في حالة ‘اقتران سفلي’ Inferior Conjunction‘.

غالباً ما يحدث الاقتران في وقت النهار، أو عندما تكون الأجسام تحت خط الأفق، وهنا يكون التعريف فضفاضاً أكثر. فإذا كانت الأجسام شديدة السطوع، كما في مثال الهلال مع كوكب الزهرة، عندها يمكن أن تكون المشاهدة النهارية ممكنة. ولكن إذا غربت الأجسام تحت خط الأفق، فهي لن نتمكن من مشاهدتها. ولذا، فإن تعبير الاقتران يمكن تطبيقه ضمن سياق واسع، للإشارة إلى الأجسام التي يمكن رؤيتها فوق الأفق في ضوء الشفق أو ليلاً، حتى ولو لم تكن حينها في لحظة الاقتران ذاتها. وإذا كانت الأجسام عند أدنى مسافة اقتراب لها من بعضها، عندها تعرف هذه الحالة باسم بـ‘تدان’ Appulse؛ أي أصغر مسافة فاصلة بين الجسمين تحدث مباشرة قبل أو بعد الاقتران الحقيقي.

تستحوذ الاقترانات فعلاً على اهتمامنا، وهي تقدم أهدافاً مثالية لأحداث الرصد الشعبية، أو لإثارة حماس الفلكيين الشباب والقادمين الجدد للنظر عالياً في سماء الليل. إنها أيضاً سهلة التصوير بكاميرا هاتف ذكي، وتمنح الناس الفرصة لحفظ اللحظة ومشاركتها مع الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي الصفحات التالية سنرى بعض الاقترانات المثيرة التي ستحدث في الأشهر القليلة المقبلة بين الكواكب والقمر والنجوم. كن مستعداً لرصد هذه الأحداث المثيرة، وتأكد من متابعتك دليلنا الشهري دليل السماء في كل عدد كي تعرف المزيد عن كيفية رصدها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى