أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاءفلك وعلم الكونيات

أساسيات علم الفلك للمبتدئين

شروحات تلسكوب جيمس ويب الفضائي

سوف يكمل تلسكوب ناسا الجديد إرث هابل ليكشف لنا الكون المبكر بدقة غير مسبوقة

يتوقع العلماء أن تبدأ حقبة جديدة من رصد الفضاء في مارس 2021، وذلك بشرط عدم تجدد تأجيل إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي James Webb Space Telescope (اختصاراً: التلسكوب JWST) وريث تلسكوب هابل الذي انتظرناه طويلاً، والذي من المقرر إطلاقه على متن صاروخ آريان 5 Ariane 5 من جزيرة غويانا الفرنسية.

وبعد نصف ساعة من إطلاق الصاروخ الحامل، سينفصل التلسكوب عنه، بدرعه الشمسية التي هي بمساحة ملعب تنس، وبمرآته الرئيسة التي يبلغ قطرها 6.5 م. وفي مدة يوم واحد سيبدأ بنشر معداته.

في الثلاثين يوماً التالية، سيقطع التلسكوب مسافة تزيد على 1.5 مليون كم إلى موقع خارجي مستقر من حيث الجاذبية Gravitationally stable outpost يسمى نقطة لاغرانج 2 Lagrange 2 (اختصاراً: النقطة L2). وتقع هذه النقطة على خط مستقيم من الشمس إلى الأرض وما بعدها، وهي تسمح بتثبيت التلسكوب JWST في مدار الأرض حول الشمس. هذا يعني أن التلسكوب JWST، وعلى عكس تلسكوب هابل الذي يدور حول الأرض ويدخل في ظلها ويخرج منه كل 90 دقيقة، سيحظى بفرصة إطلالة كونية لا يحجبها شيء. ومع ذلك، فإن الموقع البعيد للتلسكوب الجديد يعني عدم إمكان صيانته وتطويره ، أيضاً بعكس هابل.

سيبدأ التلسكوب JWST أرصاده العلمية بعد ستة أشهر من الإطلاق. وسيحلق في النقطة L2 لمدة تتراوح بين 5.5 إلى 10 سنوات قادمة. ويأمل العلماء أن يمنحنا إطلالة ثمينة على حقبة لم نعرفها من قبل من الكون المبكر. سيكون التلسكوب JWST واحداً من أكبر التلسكوبات وأقواها، ويجب أن يزودنا برؤى جديدة لكل مرحلة من مراحل تاريخ الكون، بدءاً من سحب الغبار الأولى إلى زمن نشوء مجموعتنا الشمسية.

تحرص ناسا، التي هي أحد القائمين على مشروع التلسكوب JWST بالاشتراك مع وكالتي الفضاء الأوروبية (إيسا) والكندية، على الإشارة إلى أن التلسكوب JWST هو خليفة هابل، وليس بديلاً عنه. لقد كان هابل، عندما أطلق قبل 30 عاماً، هو أول تلسكوب بصري فضائي، وقد منحنا مشاهد غير مسبوقة للكون. ولكنه كان ينظر ضمن نطاق الأطوال الموجية المرئية، وفوق البنفسجية، والقريبة من تحت الحمراء. أما التلسكوب JWST، فسيرصد مجالا يمتد من الضوء الأحمر المرئي إلى وسط الأشعة تحت الحمراء، لينظر إلى نقطة أبعد بكثير في تاريخ الكون المبكر.

ينتقل الضوء القادم من أقدم الأجسام المضيئة عبر مسافات هائلة جداً في كون يتوسع. وبحلول الوقت الذي يصل فيه إلينا، تكون أطوال موجاته قد امتدت، أو ‘انحرفت نحو الأحمر في الطيف’ ‘Redshifted. هذا يعني أن الكون القديم يمكن رصده فقط في الجزء تحت الأحمر من الطيف.

التحديق في الماضي 

ستسمح المرآة الأكبر قطراً للتلسكوب JWST بحصد كمية ضوء تفوق ما استطاعه هابل بنحو ست مرات، وذلك مع مجال رؤية يفوق قدرة مقياس طيف وكاميرا الأشعة القريبة من تحت الحمراء (NICMOS) على هابل بنحو 15 مرة. وسيكون هدفها الأبرز هو استكشاف ما يسمى بـحقبة ‘نهاية العصور المظلمة’ End of the dark ages بعد الانفجار الكبير Big bang، عندما بدأ الكون يمتلئ بـ ‘الضوء الأول’ First light من النجوم المشتعلة حديثاً. يجب أن يستطيع جيمس ويب النظر إلى حقبة زمنية قديمة تتراوح بين 100 إلى 250 مليون سنة بعد الانفجار الكبير.

ومثل هابل، التلسكوب JWST هو أيضاً مرصد عام، سينظر في حوادث ولادة المجرات وتجمعها، وتأثير الثقوب السوداء Black holes، ومسائل بدايات الحياة. يأمل العلماء بأن يساعدنا JWST على فهم حجم الكون وهندسته بصورة أفضل، وأن يلقي ضوءاً على المادة المعتمة Dark matter والطاقة المعتمة Dark energy، وأن يساعدنا على فهم المصير النهائي للكون.

تعني صور التلسكوب JWST عالية الدقة قدرته على إعطاء نظرة أفضل لمجرة درب التبانة والمجرات المجاورة لها. وبحسب الوكالة إيسا، فإن هذا “سيكمل العمل الذي بدأه هابل إلى قدر أبعد بدرجة كبيرة”. وبالمثل، فإن دقته هذه ستمكن العلماء من رؤية آلية نشوء منظومات الكواكب.

ولإنجاز كل هذا، سيكون لدى التلسكوب JWST أربع أدوات علمية فقط، هي: جهاز رسم طيف الأشعة القريبة من تحت الحمراء (NIRSpec) الذي يمكنه مراقبة 100 جسم في وقت واحد؛ وكاميرا للتصوير قرب الأشعة تحت الحمراء (NIRCam)؛ وكاميرا تعمل بالأشعة تحت الحمراء المتوسطة مدمجة مع جهاز قياس طيفي (MIRI) يحتوي على مبرد للحفاظ على برودة تبلغ 266 درجة سيليزية تحت الصفر؛ ونظام توجيه دقيق، وجهاز تصوير واسع المجال (FGS/NIRISS) يشتمل على وظيفة تحليل طيف الكواكب النجمية.

وهناك بالفعل عدة مشروعات مخططة للتلسكوب JWST. وإحدى هذه المهام ستكون مراقبة أجواء الكواكب الخارجية الصخرية التي يمكن أن تكون صالحة للحياة في نظام الكواكب السبعة TRAPPIST-1، على مسافة 39 سنة ضوئية من الأرض، وهو نظام اكتشفه تلسكوب سبيتزر الفضائي الذي انتهى عمله في يناير الماضي، وكان يرصد ضمن نطاق الأشعة تحت الحمراء، كما هو تلسكوب JWST، لكن هذا الأخير سيكون أقوى بنحو 1000 مرة من سبيتزر، و100 مرة أقوى من هابل، الذي سيعمل في سنواته الأخيرة مع تلسكوب جيمس ويب.

أطلق على التلسكوب JWST اسم مدير وكالة ناسا الذي أشرف على بداية برنامج أبولو، وقد مضى على بدء العمل بمشروعه ما يقرب من ربع قرن. ويأمل العلماء في بأن يظل على الجدول الزمني الحالي لإطلاقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى