سؤال وجواب مع باحث في غبار النجوم
‘صُنعنا جميعاً من مادة النجوم’ تبحث دراسة جديدة عن غبار النجوم الذي تبقى بعد تشكل مجموعتنا الشمسية
ماريا شونباخلر Maria Schönbächler
أستاذة علم جيوكيمياء النظائر في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ ETH Zürich، في سويسرا، وهي مؤلف رئيس لدراسة جديدة في دورية
Nature Astronomy.
– برأيك، ما الذي حدث عند ولادة مجموعتنا الشمسية؟
فرضيتنا هي أن الغبار المتبقي من نجوم ميتة ينتقل في فضاء ما بين النجوم Interstellar medium، ويندمج في سحابة يطلق عليها اسم السحابة الجزيئية Molecular cloud، ستنهار على نفسها لاحقاً لتشكل نجوماً جديدة مثل شمسنا. وحول النجم الجديد يوجد قرص Disc من الغبار الذي تتشكل منه كواكب مثل كوكب الأرض.
هذا يعني أن هناك غباراً نجمياً تبقى من نجوم ميتة، ونتج قبل تشكل مجموعتنا الشمسية مازال موجوداً إلى اليوم. ونحن نرى أن هذا الغبار لم يمتزج تماماً في مجموعتنا الشمسيةـــ فما زلت ترين تبايناً، إذ يوجد على الأرض من غبار نجم عملاق أحمر Red giants هذا أكثر مما على المريخ أو الكويكبات الأبعد مسافة عن الشمس.
إنه أمر مدهش حقاً أننا نستطيع معرفة هذا في وقتنا الحالي، فلوقت كبير لم نكن قادرين على معرفة ذلك، وافترضنا أن كل شيء في زمن ما قبل المجموعة الشمسية كان مختلطاً جداً ببعضه.
– كيف تمكنت مع فريقك من معاينة تركيب الغبار النجمي لمجموعتنا الشمسية؟
لقد استخدمنا مطياف الكتلة Mass spectrometer لقياس مقدار الذرات في وزن محدد لديك من عنصر ما من عينة النظائر Isotopes. يمكنك تحديد بصمة Fingerprint عناصر الغبار النجمي بدقة عالية في كتلة مادة عادية مثل صخرة، وكأنها توقيع Signature.
لقد نظرنا إلى نظائر عنصر البالاديوم Palladium isotopes في حجارة نيزكية حديدية من الكويكبات. وأنجزنا سابقاً دراسة مشابهة على نظائر الزركونيوم Zirconium isotopes. ولكن من أجل عنصر البالاديوم فقد احتجنا إلى قياسات عالية الدقة، وهي لم تكن ممكنة إلا في وقت حديث.
– ماذا يمكن أن يخبرنا منشأ الأرض من غبار النجوم؟
ما اكتشفناه نحن وباحثون آخرون هو أن كل كوكب أو كويكب لدينا عينات منه له توقيع نظائر خاص به. نحن نرى أيضاً أن الغبار النجمي له توقيعه الخاص بناء على ما إذا كان من نجوم محددة، مثل العمالقة الحمراء، أو مستعرات عظمى Supernovae (سوبرنوفات).
وجدنا في دراستنا أن بصمة عنصر البالاديوم الأرضي الذي هو تخصيب مُعين من نظير بالاديوم معين يوحي بوجود المزيد من غبار مادة النجوم العمالقة الحمراء.
– كيف تعرفين البصمة الكيميائية لغبار نجمي نتج من نجوم عمالقة حمراء؟
يمكنك أيضاً اختبار غبار نجوم حقيقي لقد بقي شيء منه في الحجارة النيزكية. إنه غبار نجمي حقيقي، صغير جداً أصغر من قطر شعرة ولكن يمكنك استخلاصه وقياسه.
أما على الأرض، فقد تعرض أي غبار نجمي أصلي للدمار لأن كوكبنا كان منصهراً بأكمله. لكن يوجد هناك القليل من الكويكبات البدائية جداً التي بقي فيها غبار نجمي من حقبة سبقت تشكل الكواكب.
نحن نعلم أنه لا بد للغبار من أن يكون قد نشأ قبل تشكل شمسنا. يبلغ عمر مجموعتنا الشمسية 4.5 بليون سنة، والغبار النجمي قديم من حقبة تسبق هذا الزمن.
– ما هي الآثار الكبيرة المتوقعة لأبحاثك؟
عندما تشكلت الكواكب، كانت الشمس لا تزال حارة جداً، وقد أتلفت الكثير من حبيبات الغبار التي لم تكن حبيبات غبار عمالقة حمراء فهذه صعبة الإتلاف والتدمير. ومع أن الأرض قريبة المسافة من الشمس، فقد نجا غبار العمالقة الحمراء بصورة أفضل من غبار آخر نظراً لقوة بنيته وثباته أمام درجات الحرارة المرتفعة.
لقد حللنا عنصر الزركونيوم في حجارة نيزكية مريخية في دراسة سابقة، ورأينا أنه ينقصها بصمة النجوم العملاقة الحمراء. وبالنسبة إلى نظامنا الشمسي، يمكننا أن نستخدم بصمة غبار العمالقة الحمراء كمادة تتبع، فكما نعلم الآن أنه يوجد المزيد من هذه المادة بالقرب من الشمس، والأقل بعيداً عنها.
يمكننا مستقبلاً أن ننشئ نماذج محاكاة تبين كيف تشكلت الأرض والكواكب الأخرى بناء على مادة الكويكبات، وذلك لأن الكويكبات هي المادة المتبقية من عملية بناء الكواكب. إنها جزء من الأحجية.
– كيف تبدو لك مقولة كارل ساغان Carl Sagan «أننا صنعنا من مادة النجوم»، وما الذي تضيفه أبحاثك؟
حسناً، إنها مقولة صحيحة! فنحن صنعنا من غبار النجوم، ويوجد على الأرض غبار نجمي من نجوم عمالقة حمراء أكثر مما يوجد على المريخ. لكن دراستنا تظهر أيضاً أن الكثير من هذا الغبار النجمي كان قد أعيد تدويره Recycled مرات كثيرة قبل أن يندمج في الأرض وفي أجسامنا. وفي الحقيقة، فإن عملية تشكل مجموعتنا الشمسية لم تبقِ على الكثير من كمية الغبار النجمي القديمة.