أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونيات

أَخْذُ الطريقِ البطيء إلى زحل

مسار جديد للمركبات الفضائية قد يساعدها على الوصول إلى كواكب المجموعة الشمسية البعيدة

البروفيسور ليويس دارتنل
عالم فلكي من جامعة وستمنستر

إن تصميم مسار رحلة بعثة فضائية هو عمل متوازن ودقيق. فهناك الكثير من القيود المختلفة التي تفرض إيجاد حل مثالي لمسار Trajectory رحلة المركبة. ولإبقاء الرحلة بين الكواكب أقصر مسافة وزمناً أضعاف ما سبق، يجب أولاً دفع المركبة بعيداً عن الأرض بأقصى سرعة ممكنة: يجب أن تكون السرعة الابتدائية للمركبة أعلى، ووزنها أقل، مَهْما كان نوع صاروخ الإطلاق الدافع وقدرته، وهذا يضع حدّاً على كمية الوقود والمعدات العلمية التي يمكنها حملها. وعند دخول المركبة في مدار حول زحل، مثلا، سنواجه مشكلة كيفية إبطاء سرعتها عند الوصول إليه، وذلك لأن الكواكب الخارجية تدور حول الشمس بسرعة أبطأ كثيراً من سرعة دوران الأرض حولها. فقد استخدم مسبار كاسيني-هايغنز Cassini-Huygens probe التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (اختصارا: الوكالة إيسا ESA) قوة دفع صاروخية كبيرة للدخول في مدار حول زحل. ومناوراتٌ مثل هذه تحتاج إلى كمية ضخمة من الوقود؛ مما يجعل الصاروخ ثقيلا جدّاً عند الإطلاق.

تقليديا، اعتمد التحليق الفضائي على صواريخ كيميائية الاحتراق. ويمكن لها أن تقدم دفعاً هائل القوة، لكنها تحتاج إلى كمية هائلة من الوقود، كما أن إستخدامها ممكن فقط في عمليات الاحتراق القصيرة المدة. أما الآن؛ فإن مزيداً من البعثات يستخدم منظومات دفع كهربائية. وتنتج هذه دفعاً خفيفاً فقط، إلا أنها بالغة الكفاءة من حيث استهلاك الوقود، ويمكن تشغيلها باستمرار لأشهر في المرة الواحدة. فبعثة دون Dawn، التابعة لالوكالة ناسا، وبعثة هايابوسا Hayabusa التابعة لوكالة الفضاء اليابانية (اختصارا : الوكالة جاكسا JAX)، وأيضاً بعثة بيبيكولومبو BepiColombo المشتركة بين الوكالتين الأوروبية واليابانية، جميعها استخدمت هذه التكنولوجيا.

الحفاظ على كتلة إطلاق قليلة

تعكف إيلينا فانتينو Elena Fantino، من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في مدينة أبو ظبي، وفريقها العلمي على دراسة كيفية إستخدام أجهزة دفع كهربائية مِثلَ هذه لتحسين مسار المركبة بين الكواكب لتصل إلى زحل وما بعده؛ كيف نُبِقي على كتلة الإطلاق منخفضة إلى أدنى حد ممكن مع الإبقاء على زمن رحلة قصير نسبيّاً، وعدم الوصول إلى زحل بسرعة عالية جدّاً؟

اعتمدت فانتينو في دراساتها على إمكانات مشروع ناسا دافعات الزينون المُطوَّرة- التجارية NASA’s Evolutionary Xenon Thruster-Commercial (اختصاراً: المشروع NEXT-C)، وخط الرحلة إلى زحل مع عبور قرب Fly-by المشتري؛ للاستفادة من الدفع الناجم من الجاذبية Gravity assistance. وكان أفضل حل توصلت إليه هو تسريع المركبة بالدفع الكهربائي من الأرض إلى المشتري بأكبر سرعة ممكنة، ولكن حالما يجتاز المسبار المشتري؛ فيجب إعادة توجيهه باستمرار لإستخدام محركاته الدافعة لكبح سرعته ليلائم سرعة دوران الكوكب المُستهدَف. وبعد ذلك يتحرك المسبار ببطء كافٍ نسبةً إلى سرعة زحل، بحيث يمكن أخيراً دخوله في مدار بالعبور مرة واحدة فقط قرب القمر تايتان، أو ربما حتى بإستخدام تكنولوجيات جديدة مثل ‘حبل كهربائي ديناميكي’ Electrodynamic tether يثبته ضدَّ مجال الكوكب المغناطيسي.

بلغت كتلة إطلاق مسبار كاسيني-هايغنز 5.6 أطنان، مثَّل الوقود جزءاً كبيراً منها، ووصل إلى زحل بعد عمليتي عبور قرب الزهرة، وأخرى قرب الأرض والمشتري. وبإستخدام مسار فانتينو الجديد المُحسَّن بالدفع الكهربائي، يصير وقت العبور أطول، ولكن فانتينو ترى أن المركبات المستقبلية قد تكون صغيرة الكتلة بقدر طن واحدٍ فقط وتكلفة أقل بكثير، وسيفتح هذا المجال لإطلاق عدد كبير من المركبات في الوقت نفسه لاستكشاف كوكب خارجي مثل كوكب زحل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى